نيروبي، كينيا - من الممكن إنهاء وفيات الأمهات التي يمكن الوقاية منها، وتغطية جميع الاحتياجات غير الملباة لتنظيم الأسرة، ووضع حد للعنف القائم على النوع الاجتماعي. كل ذلك يمكن تحقيقه خلال عقد من الزمان، ولكنه سيكلف العالم ما مجموعه 264 مليار دولار، وفقا لدراسة مشتركة بين صندوق الأمم المتحدة للسكان وجامعة جونز هوبكنز، بالتعاون مع جامعة فيكتوريا وجامعة واشنطن وأوفينير هيلث (Avenir Health) .
وقد عرض تحليل لهذا التقييم في 12 تشرين الثاني/نوفمبر في مؤتمر قمة نيروبي حول المؤتمر الدولي للسكان والتنمية (25)، لتنقيح البيانات الأولية التي صدرت في يوليو. وتمثل التكلفة المشار إليها المبلغ المطلوب لتحقيق هذه الأهداف الطموحة بحلول عام 2030، وهو الموعد النهائي لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وقالت الدكتورة ناتاليا كانيم، المدير التنفيذي لصندوق الأمم المتحدة للسكان "نحن الآن نعرف التكلفة. وهذه الأرقام تمثل قطرة في محيط مقارنة بالأرباح المتوقعة والأموال المتاحة. وما نحتاج إليه بعد ذلك هو الإرادة السياسية والتمويل من أجل إنجاز هذه المهمة ".
والتكلفة التي قيمتها 264 مليار دولار هي أقل من الأموال التي يتم تحصيلها في غرامات سوء السلوك لأكبر 20 بنك في العالم.
ومن هذا المجموع، تبلغ الفجوة الحالية في الموارد - أي الاستثمارات اللازمة، سواء في شكل استثمار أجنبي أو إنفاق محلي أو إنفاق خاص - 222 مليار دولار على مدى السنوات العشر القادمة.
ولكن إذا لم يتم اتخاذ أي إجراء، فستكون التكاليف أكبر بشكل لا يمكن حسابه، ليس فقط من الناحية المالية، ولكن أيضًا في تراكم الحيوات التي ستضيع، والأجيال التي لن تتحقق إمكاناتها.
يسلط التحليل أيضًا الضوء على المجالات المحددة التي تحتاج إلى موارد. على سبيل المثال، يمكن للأموال التي تنفق على التعليم أن تدفع الأهداف الثلاثة كلها. وقال كريستوفر موراي، مدير معهد القياسات الصحية والتقييم بجامعة واشنطون: "إن زيادة الاستثمار في الصحة والتعليم الثانوي للإناث يمكن أن يسهم بشكل كبير في تحقيق الأهداف الحاسمة المتمثلة في إنهاء وفيات الأمهات التي يمكن الوقاية منها، والحاجة غير الملباة لتنظيم الأسرة، والعنف القائم على النوع الاجتماعي".
وقال الباحثون إن العالم يجب أن يجتمع الآن. وقالت فيكتوريا تشو من كلية جونز هوبكنز بلومبرج للصحة العامة: "هذه المعايير الأساسية توفر أرضية مشتركة لفهم المجالات التي ينبغي إحراز تقدم فيها، وتتيح لنا تتبع الطريقة التي يتقدم بها العالم نحو تحقيق هذه الأهداف الطموحة.".
ثمن بسيط لإنهاء وفيات الأمهات
أعلن باحثون أنه لإنهاء الوفيات التي يمكن الوقاية منها أثناء الولادة والحمل في 120 دولة ذات أولوية - والتي تمثل 99 في المائة من جميع وفيات الأمهات - سيتعين على العالم إنفاق 115.5 مليار دولار على مدى السنوات العشر القادمة.
وهذا يعادل تقريبا تكلفة 46 طائرة من أغلى الطائرات العسكرية في العالم. وإذا تم إنفاق هذا المبلغ على التدخلات الخاصة بصحة الأم، مثل مساعدة النساء على الولادة في مرافق صحية، بمساعدة مدربة، فيمكن إنقاذ مئات الآلاف من الأرواح كل عام.
في وقت سابق من هذا العام، قالت إديلميرا مارتينا أنتاي دافيلا، في بيرو البعيدة: "اعتدت الولادة في المنزل. ولم يكن هذا جيدا. ويمكن أن يتسبب في موت النساء". ومعظم الولادات في مجتمعها المحلي تجري الآن في عيادة يدعمها صندوق الأمم المتحدة للسكان، وهو ما يشكل تغييرا كبيرا مقارنة بالسنوات السابقة.
كما أن توسيع نطاق الوصول إلى هذه الخدمات في المجتمعات المتضررة من الأزمات والمجتمعات الهشة، سيكون أيضا بمثاية تغيير لقواعد اللعبة. راهانا بيبي في ريف أفغانستان تعرف هذاـ وتقول: "لم تكن هناك مركبة في قريتنا لنقلنا إلى أقرب عيادة عندما جاءني المخاض". لكن فريقا صحيا متنقلا تمكن من الوصول إليها في الوقت المناسب. "لقد وضعتُ طفلة سليمة بعد ساعتين."
العائلات حسب الاختيار وليس الصدفة
قام الباحثون أيضًا بحساب تكلفة إنهاء الاحتياجات غير الملباة لتنظيم الأسرة في 120 دولة ذات أولوية: 68.5 مليار دولار.
ومن شأن هذا الاستثمار أن يحقق فوائد كبيرة، حيث يتم تمكين المرأة لاستكمال تعليمها وتأمين عملها، وتحسين النتائج، من أجل أطفالها.
قالت روينا ألبرتو من الفلبين: "الحياة صعبة. ويكسب الناس ما يكفي بالكاد لرعاية أسرهم. ولا يمكن للمرأة أن تفعل ذلك إذا حملت كل عام"
.
وقالت إنه من خلال تنظيم الأسرة، يمكنها التركيز على دعم طفليها. "أريد لطفليّ أن يحصلا على تعليم جيد وحياة جيدة."
إنهاء العنف والممارسات الضارة
سيتطلب إنهاء العنف القائم على النوع الاجتماعي استثمار 42 مليار دولار في 132 دولة ذات أولوية على مدى العقد المقبل. وستذهب هذه الأموال إلى مجموعة من التدخلات، بما في ذلك تلك التي تقدم العلاج والمساعدة للناجيات، فضلاً عن الجهود المبذولة لتعزيز المساواة بين الجنسين.
سيكلف القضاء على تشويه الأعضاء التناسلية للإناث 2.4 مليار دولار فقط، في 31 دولة ذات أولوية - أو 95 دولارا فقط لمنع ختان الفتاة الواحدة دون مبرر طبي.
ثمن وضع حد لزواج الأطفال هو 35 بليون دولار– حوالي 600 دولار لتجنيب كل طفلة أن تصبح عروسا
مؤخرا، قالت زينب بنت جالوه، من سيراليون:" وفقا لتقاليدنا، يجب علي الفتاة أن تتزوج عندما تصل إلى سن البلوغ" وقد تزوجت من رجل كان يعتدي عليها وعمرها 15 سنة. لكنها عندما انضمت إلى برنامج يعلم الفتيات حقوقهن، وجدت القوة لتركه والعودة إلى المدرسة.
وقالت لصندوق الأمم المتحدة للسكان: "أنا أستمتع حاليًا بالحياة كطالبة.. وآمل أن أدخر في يوم من الأيام ما يكفي من المال للدراسة كي أكون طبيبة".